4 خطوات لبناء محفظة استثمارية مُربِحة خلال 2023

إن انشاء محفظة استثمارية وفق اسس سليمة هو أمر محوري لنجاح أي مستثمر في سوق المال اليوم. يجب عليك كمستثمر فردي أن تتعلم كيف تقسّم أصولك بطريقة متوافقة مع أهدافك الاستثمارية وقدرتك على تحمل المخاطر. بمعنى آخر، يجب أن تحقق محفظتك أكبر عائد ممكن بأدنى حد من المخاطرة، ولا تثير قلقك.

بشكل عام، يهدف تكوين محفظة استثمارية ناجحة إلى تعظيم الثروة عبر زيادة المنفعة، اضافة الى التقليص من حجم المخاطر التي قد تواحه المستثمر، ولكن الاشكالية المطروحة هي كيف يتم تحديد التركيبة او التشكيلة المثلى لاصول المحفظة وفقا لمعايير العائد والمخاطرة؟

4 خطوات لمحفظة استثمارية ناجحة

يستطيع المستثمرون بناء محافظ متوافقة مع استراتيجيات استثمار معينة عن طريق إتباع طرق منهجية. سنقدم لك فيما يلي اربع خطوات تساعدك على بناء محفظة مُربِحة بطريقة منهجية خلال عام 2023:

1. حدِّد طريقة توزيع الأصول الملائمة لوضعك.

إن التحقق من وضعك المالي وأهدافك هو أول مهمة في بناء محفظة استثمارية ، و تتضمن العناصر المهمة التي يجب وضعها في الاعتبار كل من العمر، ومقدار الوقت المتاح لك لتنمية استثماراتك، وكذلك مبلغ رأس المال الذي ستستثمره واحتياجات الدخل المستقبلي. إن خريج الجامعة غير المتزوج الذي يبدأ حياته المهنية يحتاج استراتيجية استثمار مختلفة عن شخص يبلغ من العمر 55، ويريد سداد نفقات التعليم الجامعي لأبناءه، وإدخار مبلغ يعتمد عليه بعد تقاعده خلال 10 سنوات فقط.

إن العامل الثاني الذي يجب وضعه في الاعتبار هو شخصيتك وقدرتك على تحمُل المخاطر. هل ترغب في المخاطرة بخسارة بعض المال من أجل احتمالية تحقيق عوائد أكبر؟ يرغب الجميع في تحقيق عوائد مرتفعة عامًا بعد عام، ولكن لو كنت تشعر بقلق دائم بشأن هبوط قيمة استثماراتك في فترة قصيرة، لن تستحق العوائد المرتفعة المرجوة كل ذلك الضغط والتوتر في مثل هذه الحالات.

إن تحديد وضعك الحالي بوضوح، واحتياجاتك المستقبلية لرأس المال ، وقدرتك على تحمل المخاطر، سيحدد كيف يجب أن تقسّم استثماراتك بين فئات الأصول المختلفة. إن احتمالية تحقيق عوائد أكبر تأتي على حساب تحمُل مخاطر خسائر أكبر (وهو مبدأ معروف بمقايضة الخطر/العائد) – ليس الهدف هو تجنُّب عامل المخاطرة تمامًا وإنما استغلاله ليناسب ظروفك ونمط استثمارك الخاص بك. على سبيل المثال، الشاب الذي لا يعتمد على استثماراته للحصول على دخل ثابت يستطيع تحمل مخاطر أكبر في سعيه لتحقيق عوائد أعلى. من ناحية أخرى، الشخص الذي اقترب من سن التقاعد يجب أن يركز على حماية أصوله، والحصول على دخل من هذه الأصول واتباع خطط استثمارية تتميز بمزايا جبائية تضمن سداد أقل ضرائب ممكنة.

المستثمرون المحافظون vs المستثمرون المندفعون.

كلما زادت المخاطرة التي يمكنك تحملها، كلما كانت محفظتك أكثر اندفاعا، واتجه جزء أكبر من استثماراتك نحو الأسهم، والجزء الأقل للسندات والأوراق المالية الأخرى ذات الدخل الثابت. بينما على النقيض، كلما قلَّت نسبة المخاطرة التي يمكنك تحملها، أصبحت محفظتك أكثر تحفظًا. إليك مثالان على هذا: واحد لمستثمر محافظ والآخر لمستثمر مندفع معتدل.

المحفظة المحافظة

  • 70-75 % أوراق مالية ذات دخل ثابت.
  • 5-15 % نقدية أو ما يكافئها
  • 15-20 % أسهم.

إن الهدف الأساسي من المحفظة المحافظة هو حماية قيمتها، ونمط التوزيع الموضح أعلاه سينتج عنه دخل ثابت من السندات، وسيوفر بعض إمكانيات النمو الرأسمالي على المدى الطويل من الاستثمار في الأسهم عالية الجودة.

المحفظة العدوانية نسبيا

  • 50-55 % أسهم
  • 5-10 % نقدية أو ما يكافئها
  • 35-40 % أوراق مالية ذات دخل ثابت

إن المحفظة المندفعة نسبيا مناسبة للقدرة المتوسطة على تحمل المخاطر، وتجذب القادرين على تحمل مزيد من المخاطر في محافظهم من أجل تحقيق توازن بين الدخل ونمو رأس المال.

2. مرحلة انشاء محفظة استثمارية

بمجرد أن تحدد طريقة توزيع الأصول المناسبة، ستحتاج إلى توزيع رأسمالك بين فئات الأصول المناسبة. على المستوى الأولي للتوزيع ليس صعبًا، فالأسهم هي الأسهم، والسندات هي السندات.

سيتطلب منك تقسيم فئات الأصول الأساسية إلى فئات فرعية ذات نسب مخاطر وعوائد معينة. على سبيل المثال، قد يوزِّع المستثمر فئة الأصول المتعلقة بالأسهم من خلال عمل مزيج من الشركات والأسواق الناشئة لتحقيق التوازن بين الشركات الصغيرة التي تتمتع بإمكانات نمو كبيرة وشركات ذات أعمال تجارية أكبر حجماً وأكثر استقراراً، وبين الأسهم المحلية والأجنبية. وفئة الاصول الخاصة بالسندات يمكن توزيعها بين سندات قصيرة الأجل وسندات طويلة الأجل، وبين دين حكومي ودين شركات، وهكذا.

يوجد عدّة طرق يمكنك استخدامها في اختيار الأصول والأوراق المالية التي تحقق استراتيجية تقسيم الأصول الخاصة بك (ستحتاج إلى تحليل جودة وإمكانيات كل استثمار تشتريه، فالسندات والأسهم ليست متساوية).

* اختيار السهم – اختر أسهم تحقق مستوى مخاطرة تستطيع تحمله في الجزء الخاص بالأسهم في محفظتك. قطاع السهم، والقيمة السوقية، ونوع الأسهم.. عوامل أساسية يجب ان تأخذها بعين الاعتبار. في مرحلة أولى، ضع قائمة موسعة للشركات المحتملة وقم بتصفيتها بعد ذلك باستخدام أدوات فرز الأسهم (برامج تساعد على تصفية الأسهم وفقًا لمجموعة واسعة من المعايير) للحصول على قائمة مختصرة. عليك في المرحلة الثانية إجراء تحليل معمَّق لكل سهم محتمل لتحديد فرصه ومخاطره مستقبلاً. هذه هي المرحلة التي تتطلب الجزء الأكبر من العمل عند إضافة أوراق مالية لمحفظتك، وتتطلب منك مراقبة التغيرات في أسعار استثماراتك بانتظام، ومتابعة آخر أخبار شركات أسهمك بشكل خاص والقطاعات بشكل عام (لمزيد من المعلومات، اقرأ “4 خطوات لاختيار سهم”).

*  اختيار السند – يوجد عدّة عوامل يجب أن تضعها في الاعتبار عند اختيار السند، وتشمل قيمة القسيمة، وتاريخ الاستحقاق، ونوع السند وتقييمه، وكذلك بيئة سعر الفائدة العامة.

* صناديق الاستثمار المشتركة – إن صناديق الاستثمار المشتركة متوافرة في نطاق واسع من فئات الأصول، وتسمح لك بشراء الأسهم والسندات التي أجرى مديرو الصناديق بحوث احترافية عليها قبل اختيارها. سيفرض مديرو الصندوق رسوم على خدماتهم بالطبع، مما سيقلل من عوائدك. تمثل صناديق استثمار المؤشر خيارًا آخر، ورسومها أقل لأنها تعكس مؤشر قائم بالفعل، وبالتالي تُدار إدارة غير نشطة.

* صناديق الاستثمار المتداولة (ETFs) – تعتبر بديل جيد لو لم ترغب في الاستثمار في صناديق استثمار مشتركة. ETFs هي في جوهرها صناديق مشتركة يتم تداولها مثل الأسهم. وهي تشبه صناديق الاستثمار المشتركة أيضا لكونها تمثل سلة أسهم كبيرة – مُجمّعة حسب القطاع أو حجم رأس المال أو الدولة أو ما شابه ذلك. لكنها تختلف في إنها لا تُدار بشكل نشط، وإنما تتبع مؤشر معين أو سلة أسهم أخرى. ونظرًا لأنها تُدار بشكل غير نشط، تقدم ETFs وفورات في التكلفة بالمقارنة بصناديق الاستثمار المشتركة، مع توفير تنويع في نفس الوقت. تغطي ETFs نطاق واسع من فئات الأصول أيضًا وتعتبر مفيدة في إكمال وتنويع حافظتك.

3. إعادة تقييم المحفظة.

بعد أن تُشكّل المحفظة، يجب أعادة موازنتها بشكل دوري، لأن حركات السوق قد تسبب تغيير في القيم المبدئية لاستثماراتك. لو أردت تقييم التوزيع الفعلي للأصول في محفظتك، صنّف الاستثمارات تصنيفًا كميًا لتحديد قيمتها مقارنة بإجمالي الاستثمارات.

تتضمن العوامل الأخرى التي من المرجح أن تتغير مع مرور الوقت كل من وضعك المالي الحالي، واحتياجاتك المستقبلية، وقدرتك على تحمل المخاطر. لو طرأت تغييرات في هذه العوامل، ستضطر لتعديل محفظتك وفقًا للتغيرات الجديدة. مثلا لو انخفضت قدرتك على تحمل المخاطرة، فقد تحتاج لتقليل كمية الأسهم بالمحفظة. أو ربما تصبح مستعدًا للمخاطرة بدرجة أكبر، وبالتالي قد تُخصِّص نسبة صغيرة من أصولك في أسهم شركات صغيرة عالية المخاطر.

لو أردت إجراء إعادة موازنة، حدد أي فئة أصول زادت أو انخفضت نسبتها عن الحد. كمثال، لنقل أنك وضعت 30 % من استثمارات أصولك الحالية في أسهم شركات صغيرة او ناشئة (درجة مخاطرة أعلى)، بينما من المفترض أن تخصص 15 % فقط من أصولك في هذه الفئة. إعادة الموازنة تحدد مقدار ما تحتاج لتخفيضه في هذه الفئة لتخصصه لفئات أخرى.

4. إعادة توازن المحفظة بطريقة استراتيجية.

حاول المحافظة على توزيع الأصول الذي اخترته في إستراتيجيتك الاستثمارية إلى أن تشعر بأن الوقت قد حان، بناءً على معطيات تقدم عمرك أو تغير وضعك المالي، لتغيير هذا التوزيع. ومن متطلبات الاستمرار في إستراتيجيتك لتوزيع الأصول الحالية، عليك أن تقوم بإعادة موازنة محفظتك، أو إعادة توزيعها بشكل كامل بين حين وآخر.

عندما تقرر بأن الوقت مناسب لإعادة موازنة المحفظة، يوجد عدة أساليب للقيام بذلك:

* يمكنك بيع جزء من نوع الأصل الاستثماري الذي ارتفعت قيمته بشكل كبير، و إعادة استثمار أرباحه في أصل آخر لم يرتفع بعد.

* يمكنك تغيير الكيفية التي توزع بها الأموال الاستثمارية الجديدة التي تضاف للمحفظة، بوضعها في أنواع أخرى من الأصول التي لا تزال أسعارها دون قيمها العادلة، حتى يصل المستثمر إلى التوزيع الذي يناسبه.

* يمكنك رفع رأس مال المحفظة الاستثمارية، وتخصيص الزيادة للاستثمار بالكامل في الأصول التي لا تزال دون قيمها العادلة.

استخدم الطريقة التي ناقشناها في الخطوة 2 لاختيار الأوراق المالية عند انشاء محفظة استثمارية للمرة الأولى.

*لاحظ أنك عندما تبيع أصول ما لإعادة موازنة محفظتك، سيكون لذلك تداعيات ضريبية وهو ما سيقلل من عوائدك. في الوقت ذاته، يجب أن تفكر في مستقبل استثماراتك. فلو كنت تتوقع أن الأوراق ذات النمو الزائد اقتربت من الانهيار، يصبح بيعها ضروريا بالرغم من الآثار الضريبية. تعتبر آراء المحللين وتقارير البحث أدوات مفيدة تساعد في قياس مستقبل استثماراتك.

* تذكّر أهمية التنويع

من المهم جدًا أن تتذكر أهمية التنويع وضرورة الحفاظ عليه أثناء عملية انشاء محفظة استثمارية بأكملها. لا يكفي امتلاك أوراق مالية في كل فئة من فئات الأصول وحسب، بل يجب أن تنوّع في كل فئة أيضًا. تأكد أن استثماراتك في فئة أصول معينة موزعة على مجموعة متنوعة من الفئات الفرعية والقطاعات.

كما ذكرنا سابقًا، يستطيع المستثمرون تحقيق تنوع ممتاز باستخدام صناديق الاستثمار المشتركة و ETFs. تسمح وسائل الاستثمار هذه للمستثمرين الفرديين بالاستفادة من وفورات الحجم التي يتمتع بها مديرو صناديق الاستثمار الكبيرة، والتي لن يتمكن الشخص العادي من تحقيقها باستخدام مبلغ مالي صغير.

الخلاصة

بصفة عامة، المحفظة الاستثمارية المثلى هي ذات التنويع الجيد هي أفضل فرصة لك لزيادة نمو استثماراتك على المدى الطويل. وهي تحمي أصولك من مخاطر حركات الهبوط الكبيرة والتغييرات الهيكلية في الاقتصاد مع مرور الوقت. راقب استثماراتك عن كثب، واجري تعديلات عند الضرورة، وستزيد فرص تحقيقك لنجاح مالي كبير على المدى الطويل.

أضف تعليق

آخر مقالات الموقع