5 تدابير لترشيد وضبط سلوكيات الإنفاق في رمضان

شهر رمضان محطة إصلاحية عامة، كل سنة تشرق علينا أنواره ، بتعاليمها السامية الجميلة ، فتكون لنا فرصة حقا رائعة ، لمراجعة سلوكياتنا، وفي كل جوانب حياتنا ، ومنها الجوانب المالية والاقتصادية ، ولعرضها على مقاييس متزنة ، هي أرقى المقاييس التي تعرفها البشرية في هذا العصر الانفتاحي ، فيمكنها أن تهذب مفاهيمنا الشخصية ، وترتقي بحياتنا.

للأسف الشديد ، لقد ارتبطت بأذهان الناس عند قدوم رمضان العديد من الأمور الخاطئة كالتسوق والتهافت على المراكز التجارية، ولدى البعض اعتقاد جازم بأنه شهر الموائد العامرة بالعديد من أصناف الطعام ونتيجة لتلك المفاهيم الخاطئة حتما و المترسخة في أذهان معظم أفراد المجتمعات الاسلامية، أصبح الناس يخصصون ميزانيات خاصة للشهر الكريم بل وأصبح بعضهم يلجأ للاقتراض. والأمر برمته يعد خاطئا بل وكارثة على الاقتصاد الاسري واقتصاد المجتمع. فضلا عن أن ثقافة الاستهلاك الزائدة المرتبطة بشهر رمضان لا تدعم إيمانياتنا ، ولا ميزانياتنا.

تدابير رمضان لترشيد الانفاق

كيف نجعل هذا الشهر الكريم فرصة لاكتساب بعض السلوكيات المالية والاستهلاكية السليمة ، والتنبه كذلك لتلك السلوكيات الخاطئة ، والتي كثيرا ما نقوم بها بسبب ضعف الوعي المالي ، والتي تتسبب في هدر الطاقة المالية للفرد والاسرة والمجتمع والتي من المفترض أن يذهب جزء منها في الصدقة التي تعد من أعظم أبواب الخير في رمضان.

إليك بعض التدابير التي يمكنها أن تساعد في ضبط سلوكيات الإنفاق لدينا خلال شهر رمضان الفضيل :

1- كتابة قائمة بالاحتياجات قبل الذهاب إلى التسوق.

من الأدوات العملية الحكيمة والتي سوف تحد بدرجة واضحة من إهدارك للنقود مقابل أغراض لا تلزمك ، هو أن تكتب قائمة بالأشياء التي تحتاجها، والتي تحتاجها فعليا فقط.

وضع هذه القائمة مهم جدا ، فهي تعزز وعيك المالي ، حيث أنها تجعلك تميز بوضوح وشفافية بين ما تحتاجه فعلا ، وبين ما يمكنك الإستغناء عنه ، وهي كذلك توجهك أثناء التسوق مباشرة إلى الأرفف التي تحتاج زيارتها ، وتوفر عليك وقت الدوران العشوائي داخل السوق.

2- عدم إعداد كميات من الطعام تفيض عن حاجة الاسرة الفعلية.

بحسب الاحصائيات الرسمية فإن الإنفاق الاسري الأعلى يكون على الطعام ، فهو يستهلك أكثر من 30% من مصاريف الاسرة، ولذلك يجب التنبه لهذا الجانب، من أجل ضبط الإنفاق المبالغ فيه على الطعام ، فكثيرا ما يكون إنفاقا غير أساسي ، ويمكن الاستغناء عنه ، وتوفير قيمته.

ومن العادات السيئة التي تهدر الكثير من ميزانية الاسرة في هذا الجانب ، هي إعداد كميات كبيرة من الطعام تزيد عن الحاجة الفعلية للاسرة ، ويلاحظ تزايد هذا الأمر في شهر رمضان.

يجب على ربات البيوت تحمل مسؤولية خاصة في هذا الجانب ، فيجب عليهن إعداد وجبات لا تزيد عن حاجة الاسرة ، لأن هذا يثقل كاهل معيل الاسرة ، ويعود الأبناء على عدم المبالاة في الإسراف.

3- عدم المبالغة في إقامة الولائم والعزومات.

يتميز شهر رمضان المبارك بأجواء إجتماعية رائعة، حيث يتشجع الناس على تبادل الزيارات العائلية، وهذا أمر جيد بلا شك، ولكن بشرط أن لا يكون ذلك عبء ماليا على الاسرة المستضيفة، وأن لا يكون كذلك تضييعا لوقت طويل من وقتهم، وكما يقول المثل الشعبي: صديق مخسر = عدو مبين!

ليس بالضرورة أن تكون هذه الزيارات والولائم مستمرة بشكل شبه يومي طوال شهر رمضان، بل يمكن أن تكون مرة واحدة أو مرتين في الاسبوع الواحد ، وذلك بحسب المستوى المالي للاسرة، وبحسب استعدادها لاستقبال الزيارات.

حتى لا تنقطع الزيارات بسبب الوضع المالي للاسرة ، فإن أحد الحلول هو أن تكون الزيارات مختصرة، من ناحية الوقت ، ومن ناحية الوجبة أيضا ، حيث ليس من الضروري أن تستمر (الرمسة) إلى وقت متأخر من الليل، وليس من الضروري كذلك أن تكون العزومة على عشاء دسم، بل يمكن بدل ذلك أن تكون الدعوة إلى (قهوة) وحلويات وعصائر مثلا ، وليس هذا بخلا ، وإنما مراعاة.

4- تخزين الطعام الباقي.

يحدث كثيرا في شهر رمضان أن تبقى كميات معتبرة من عدة أنواع من الطعام ، ولا مشكلة كبيرة في ذلك ما دمنا لن نتخلص منها في برميل القمامة ، وأحد الحلول الممتازة لهذا الأمر ، هو أن نحتفظ بهذه الأطعمة في الثلاجة ، لكي نتمكن من تقديمها في اليوم التالي ، فالثلاجات الحديثة يمكنها أن تحفظ الطعام بصورة جيدة ، ولفترات طويلة.

هناك بديل آخر عن تخزين الطعام الجاهز ، وهو أن يتم إرساله إلى بيوت الجيران ، كنوع من الصلة الودية ، أو كنوع من الصدقة التي تعني الكثير بالنسبة إلى الاسر الفقيرة ، وهذا متناسب تماما مع التوجيهات السماوية الكريمة ، وهنا كذلك لا ننسى العمال ذوي الدخل المحدود ، فهم يستحقون منا التقدير والصدقة ، خصوصا في شهر المحبة والخير والعطاء.

5- التخطيط السليم لميزانية الأسرة ودخلها

ما يحدث في رمضان غالبا ما يكون بسبب سوء التخطيط لميزانية الأسرة فتجد معظم الناس يتزاحمون في الأسواق والمراكز التجارية لشراء حاجات ومستلزمات وأطعمة ومواد غذائية دون تخطيط وكأنهم يشترون مؤونة عام كامل.

التخطيط المالي أمر ضروري لأنه يجنب الأسرة الوقوع في الأخطاء، فإذا وازن بين نفقاته في رمضان وابتعد عن الاسراف والتبذير الذي تقع فيه معظم الأسر في هذا الشهر، فسيجد فائضا في ميزانيته الشهرية، يمكن ادخاره للمواسم الاستهلاكية التي ستأتي كتجهيزات العيدين والعام الدراسي الجديد، وبذلك يكون شهر الصوم فرصة للادخار وتنظيم ميزانية الأسرة.

أضف تعليق

آخر مقالات الموقع